معرض دمشق الدولي بدورته الحادية والستين

يا شام عاد الصيف وموعد منتظر مع الدورة الـ 61 لمعرض دمشق الدولي

في كل عام تخبر فيروز الشام بأغنيتها بعودة الصيف فيستعد السوريون معه لموعد منتظر باسمه العريق معرض دمشق الدولي الحدث السوري الأبرز على مدار أكثر من ستين عاماً

2019-07-08

في كل عام تخبر فيروز الشام بأغنيتها بعودة الصيف فيستعد السوريون معه لموعد منتظر باسمه العريق معرض دمشق الدولي الحدث السوري الأبرز على مدار أكثر من ستين عاماً الذي يجتمع فيه العمل والنشاط والحياة ويشكل بوابة للانتعاش الاقتصادي والتبادل الثقافي والحضاري والاجتماعي والترفيه.

أقدم معارض المنطقة بهذا اتصف معرض دمشق الدولي الذي أقيم لأول مرة عام 1954 واستمر شهراً كاملاً في مقره القديم الذي يمتد من جسر فيكتوريا ومتحف دمشق الوطني حتى ساحة الأمويين بمحاذاة نهر بردى وضم مجموعة من الأجنحة الوطنية والعربية والدولية احتضنت مشاركات العديد من دول الشرق والغرب وسط ساحات خضراء ومجسمات ونوافير مياه راقصة وملونة.

ولمعرض دمشق الدولي دور تاريخي في عرض صورة الواقع الزراعي والصناعي والتجاري لسورية ووجهها الحضاري والثقافي وتنمية العلاقات الاقتصادية مع دول العالم حيث يعتبر منصة لعرض المنتجات الوطنية وعقد الاتفاقات وإبرام العقود على مستويات محلية وعربية ودولية ما يسهم في دعم الاقتصاد الوطني وتفعيل حركة العمل والاستثمار.

الدورة الأولى من المعرض التي شارك فيها آنذاك 26 دولة عربية وأجنبية إضافة الى عدد من المؤسسات والشركات الصناعية والتجارية السورية شهدت أول عرض لـ (سينراما) التقنية التي تعتمد على عرض مادة مصورة بثلاث كاميرات على شاشة بانورامية لتكون بذلك سورية أول بلد بعد الولايات المتحدة تعرض فيها هذه التقنية التي شاهدها حينها ما يقارب 100 ألف شخص من سورية وعدد من دول العالم جاؤوا إلى دمشق بينهم فنانون عالميون.

نشاط المعرض لم يقتصر على المشاركة الصناعية والتجارية ومراكز الأعمال بل تعداه إلى إقامة فعاليات فنية وثقافية حتى صار مسرحه حدثاً فنياً منفرداً على مستوى الوطن العربي للطرب الأصيل والمسرح الملتزم فعليه غنت فيروز إلى جانب تقديم مسرحيات الرحابنة (الشآميات) وهي مجموعة القصائد التي تغنت بالشام وأدتها فيروز بصوتها الملائكي منها أحب دمشق.. ياشام عاد الصيف.. قرأت مجدك.. شام ياذا السيف.. مر بي.. سائليني.

واستضاف معرض دمشق الدولي قديماً عمالقة الطرب العربي والأجنبي أمثال أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وصباح فخري ونصري شمس الدين وصباح وشادية ووديع الصافي ووردة الجزائرية وكاظم الساهر ونجوى كرم ووليد توفيق والفنان العالمي ديميس روسوس بالإضافة إلى عروض لأهم الفرق المسرحية كعرض صقر قريش والعمل الملحمي التاريخي الكبير (الإلياذة الكنعانية) لفرقة (إنانا) للرقص المسرحي ومسرح غنائي كوميدي لفرقة (شكسبير فور كيدز) وفرق جورجيا وأرمينيا وفنزويلا الفنية.

واقترن نصب السيف الدمشقي المرتفع وسط ساحة الأمويين بمعرض دمشق الدولي كشاهد تاريخي يربط أمجاد الماضي بإنجازات الحاضر فجاء تشييده مطلع ستينيات القرن العشرين خلال التوسعة التي طالت منطقة سوق البيع وشلالات المياه وتزامنا مع دورة معرض دمشق الدولي السابعة.

وعرف النصب منذ بداية تشييده بأنه منصة أعلام الدول المشاركة في المعرض ويتألف من واجهتين متقابلتين الغربية منها تطل على ساحة الأمويين والشرقية تشرف على منطقة سوق البيع مشكلا بوصلة الزوار والسياح وأطلق عليه أهل الشام اسم (عامود المعرض) وتصدر رسمه المنشورات والملصقات والطوابع البريدية الخاصة بمعرض دمشق الدولي على مدار عشرات السنين.

واحتلت الهوية البصرية للمعرض حيزا من اهتمام القائمين على التنظيم والترويج حيث يخصص لكل دورة تصميم غرافيكي خاص للمنشورات ومن (بوسترات وبروشورات) والطوابع وسحب يانصيب دوري خاص به تركز على إبراز هوية بصرية مميزة تحمل قيمة تراثية تاريخية لمدينة دمشق والمعالم البارزة في سورية.

ومع زيادة الازدحام داخل مدينة دمشق وارتفاع عدد الشركات المشاركة في المعرض عبر السنوات كان لا بد من مكان يوفر المساحات المطلوبة ويستوعب الحركة الكثيفة للزوار فتم عام 2003 افتتاح مدينة المعارض الجديدة على طريق مطار دمشق الدولي والتي صممت وفق أفضل المعايير الدولية وعلى مساحة كبيرة وجهزت بأحدث نظم التكنولوجيا وتجهيزات المعارض العالمية وصارت منذ ذلك الحين أرض معرض دمشق الدولي.

وتبلغ مساحة مدينة المعارض مليوناً ومئتي ألف متر مربع منها 83000 متر مربع لمباني العرض و 150000 متر مربع مساحة أماكن العرض المكشوف و17000 متر مربع لمباني المستودعات والمخازن والورشات و2100 متر مربع مباني الخدمات و4500 متر مربع مبان إدارية.

ومع الانتصارات التي حققها الجيش العربي السوري على الإرهاب أعيد افتتاح أبواب المعرض التي أغلقت ست سنوات ليستأنف دوراته عام 2017 كأبرز حدث اقتصادي واجتماعي وثقافي وفني شهدته سورية في أصعب ظروفها في رسالة للعالم معنونة بانتصار ثقافة الإرادة والحياة على الحرب والموت.

وفي دورته الستين العام الماضي جدد المعرض حضوره وسط مشاركة 48 دولة عربية وأجنبية و1700 شركة من مختلف أنحاء العالم وشغلت أجنحة المعرض المحجوزة 93 ألف متر مربع للأجنحة المبنية والمكشوفة وهي المساحة الأكبر التي حققها المعرض منذ أولى دوراته في الخمسينيات.

ويبقى السوريون هذا العام على موعد مع افتتاح معرض دمشق الدولي بدورته الـ 61 تحت شعار (من دمشق.. إلى العالم) والتي تبدأ فعاليته في الـ 28 من آب وتستمر لغاية الـ 6 من أيلول.

 

مها الأطرش/ سانا

#شارك