بخبرات هندية ووطنية «حديد حماة» تعود للإنتاج مطلع العام القادم

2016-12-15 11:51:50
المدير العام: 40 مليون دولار تكلفــة تطـوير معملي الصهـر.. ونسعى لتعييـن 500 عامـل لمـواكبة طــاقـة الإنتاج المضاعفـة

فشلت الرهانات الخارجية والعصابات الإرهابية في أعمالها وتوقعاتها بالقضاء على مؤسسات ومنشآت القطاع العام التي تدعم الاقتصاد الوطني وتقوم على أساسها ركائز الصمود في وجه الحرب الإرهابية التي تعرضت لها سورية خلال السنوات الست المنصرمة والتي كانت قاسية جداً على المواطن السوري ومع ذلك بقي ثابتاً على إصراره على أن الحياة تستحق التضحية والصبر والعزيمة القوية التي مكنته من متابعة الوقوف في وجه العواصف وترميم والأضرار وها هي شركة حديد حماة مثال يُحتذى في النهوض بعد توقف طوال مدة الحرب.

البداية
تشرين زارت الشركة العامة للحديد والفولاذ في حماة لرصد واقع الشركة والأعمال المنجزة فيها والتقت كوادرها وعمالها في موقع العمل وأجرت لقاءات موسعة عن أعمال التحديث والتطوير التي تتكامل فيها الجهود بين كوادرنا الوطنية والخبرات الأجنبية الصديقة من شركة أبولو الهندية المتعاقدة مع الشركة في تركيب معمل الصهر الجديد والحديث والمتوقع أن يبدأ وضعه في الاستثمار مطلع العام المقبل 2017 إيذاناً بدوران عجلة الإنتاج من جديد ولاسيما بعد أن بدأت الحرب تجر ذيولها خارجة من سورية و لتصل الطاقة الإنتاجية إلى أربعة أضعاف ما كانت عليه قبل التوقف وبنوعية أفضل وتقنيات إلكترونية مؤتمتة كلياً بتدخل بسيط من اليد العاملة الخبيرة والمدربة والشابة التي تم تعيينها كعمالة جديدة في الشركة.
تاريخ الشركة
المدير العام للشركة العامة للمنتجات الحديدية والفولاذية بحماة المهندس عبد الكريم الموسى شرح لتشرين عن تاريخ إحداث الشركة أنها تأسست بالمرسوم رقم 142 تاريخ 20\7\1970 تلاه المرسوم رقم 113تاريخ 25\9\1974 الذي غيّر الاسم من الشركة العامة للحديد والفولاذ إلى الشركة العامة للمنتجات الحديدية والفولاذية لإنتاج المنتجات المعدنية والخلائط والأعمال التي تتعلق بها وهذا يخولها تطوير وتحديث منتجاتها من دون أي عوائق إدارية أو روتينية ونقلت تبعيتها من وزارة النفط والثروة المعدنية إلى وزارة الصناعة ووصل عدد العاملين فيها نهاية عام 2010 وقبل بداية الحرب  علي الإرهاب إلى حوالي 2200 عامل بزيادة على الملاك المحدد بنحو 1750 عاملاً بعد إلحاق معمل الباسل للمطروقات بالشركة.
الواقع الحالي
وذكر الموسى أن عدد العمال الحالي في الشركة يقارب 650 عاملاً فقط يجري حالياً رفد الشركة بعمالة جديدة شابة عبر مسابقات حيث تم الإعلان عن مسابقة في الربع الثالث من عام 2016 لتعيين 200 عامل إنتاج نجح منهم في الاختبارات 261 من المتقدمين تم قبول 111 ممن تنطبق عليهم شروط الإعلان والشركة بحاجة إلى مسابقات أخرى لتعيين أكثر من 500 عامل جديد من المهنيين والإداريين والفنيين والسائقين كمرحلة أولى بعد انطلاق العملية الإنتاجية المتوقع أن تزيد فيها الكميات المصنعة أربعة أضعاف تقريباً من 70 ألف طن إلى 288 ألف طن سنوياً من البيليت وهي المادة الحديدية الأولية لصناعة كل أنواع وأصناف المنتجات الحديدية المصنعة وبمعدل ألف طن يومياً وفق العقد الموقع مع شركة أبولو إنترناشيونال الهندية التي يقوم خبراؤها المقيمون في الشركة والمتعهد الثانوي الممثل بشركة إيسك الهندسية السورية المعنيون بتركيب وتجهيز معملي الصهر الجديدين والمعدات والأعمال المرافقة التي تصل قيمتها الإجمالية التقديرية إلى ما يزيد على 40 مليون دولار بإشراف مباشر من الخبراء الهنود, موضحاً أن زيادة كميات الإنتاج ستشكل نقطة انطلاق لعودة معمل القضبان والطروقات المعدنية وتزويد معمل الدرفلة الخاصة والعامة والاستغناء عن استيراد المصنّع منها وتالياً توفير مبالغ طائلة من القطع الأجنبي وتجاوز للحظر الاقتصادي المفروض ظلماً على بلدنا سورية بالاكتفاء الذاتي.
وتتطلع الشركة إلى تطوير معمل القضبان كمرحلة لاحقة باستخدام تقنيات حديثة تتوافق مع تضاعف الطاقة الإنتاجية لمعمل الصهر تجري لها حالياً دراسات وبحوث فنية واقتصادية بالتعاون مع الشركة الهندية إضافة لتطوير معمل الباسل للمطروقات المعدنية لرفع الكمية الإنتاجية والمواصفة الفنية لتطابق المواصفات العالمية بكل المعايير.
مصاعب واقتراحات
وبين الموسى أن الشركة حالياً في طور التجهيز لانطلاقة قوية تحتاج دعماً حكومياً يمكنها من تجاوز المصاعب وأهمها تأمين الطاقة حيث تحتاج الشركة إلى 25 ألف ليتر مازوت يومياً ومثلها من الفيول للتشغيل على مدار الساعة يضاف لها حاجة معمل الباسل إلى أكثر من 5 آلاف ليتر مازوت بالتوازي مع توافر الكهرباء باستطاعة 80 ميغا واطاً.
وبما يخص الآليات فالشركة بحاجة لرفدها بعدد إضافي من الشاحنات الكبيرة لنقل الخردة والمنتجات من وإلى الشركة باتجاه المحافظات.

معمل متوقف
وبما يخص معمل الأنابيب المعدنية ذكر الموسى أنه متوقف منذ عام 2006 لانعدام الجدوى الاقتصادية من تشغيله بعد منافسة الأنابيب البلاستيكية ذات السعر الأرخص والأسهل استخداماً وتوفرها بكميات كبيرة في الأسواق و اقترحت إدارة الشركة طرحه للاستثمار بالتشاركية وتطويره بالطريقة المناسبة التي يتم التوافق عليها بين الشركة والجهة التي ترغب باستثماره.
وأضاف الموسى أن الشركة تناقش دراسة لإنشاء خط محاور خلائطية وفولاذية ولو كانت قليلة الاستخدام ولكنها نوعية تلبي حاجة السوق وتحقق ريعية مالية كبيرة لمصلحة الشركة.
المادة الأولية
المدير الفني والإنتاجي في الشركة المهندس أحمد طنب أشار إلى أن الشركة تسعى لاستجرار كميات إضافية من الخردة المعدنية التي تعد المادة الأولية الرئيسة التي تتوافر منها في الشركة حالياً كميات جيدة ونحن بحاجة لتعاون كبير مع الشركات والمؤسسات العامة الملزمة بتزويد الشركة بالكميات المتساقطة من الخردة لديها بموجب التعميم الوزاري رقم 18/15ب تاريخ 25/9/2016 الذي يعد خطوة إيجابية من قبل رئاسة الوزراء لدعم الصناعات العامة الوطنية والحرص على بقائها بفعاليتها بالتوازي مع الشراء من القطاع الخاص لتوفير حاجات التشغيل على مدار الساعة من دون أي انقطاع ضماناً لطاقة التشغيل والتحمية التي تعتمد كلياً على الحرارة العالية وتواصل الدفق وتلقيم الآلات.
تجهيزات حديثة
وبيّن مدير معمل الصهر المهندس عبد الناصر مشعان أن الاختبارات جارية على جميع التجهيزات الحديثة التي تم تركيبها كمتممات للعمل ومنها معمل توليد الأوكسجين العملاق ومحطات معالجة المياه وتنقيتها وقسم أجهزة فلترة الهواء والغازات لتكون خالية من الملوثات التي تضر بالصحة والبيئة وبالذات الأكاسيد والكربون والغبار وهناك الروافع الجسرية وأجهزة النقل والتقطيع والفرم (الشريدر وهو جهاز تحضير وزيادة كثافة الخردة الداخلة للصهر) وكبس البالات والسلال والسيور الناقلة للخردة وعربتا تعبئة بوتقتي الأفران وبقية الأجهزة المساعدة وهي جاهزة ميكانيكياً وكهربائياً بنسبة 90% أو أكثر حالياً ويتم تدريب العاملين عليها من لحظة التركيب وحتى زجها بالتشغيل الحقيقي ليتعرف العامل والفني على كل مراحل وتفصيلات الصيانة والأعطال الطارئة أو الدورية المرتبطة بزمن الاستهلاك, لافتاً إلى أن كل فرن يحتاج إلى 84 دقيقة لصهر كمية 30طناً وبعدد 34 صهرة يومياً.
عقد التحديث 
عن عقد التحديث لمعمل الصهر في الشركة ذكر مدير تطوير أعمال شركة أبولو الهندية خلدون البدر أن العقد بين الشركة وشركة حديد حماة أبرم عام 2008 وبدأت مراحل التنفيذ عام 2009 واستمر العمل حتى بداية عام 2012 وتوقف أربع سنوات بسبب ظروف الحرب التي تعرضت لها سورية ثم قامت وزارة الصناعة والحكومة السورية بإعادة اطلاق استكمال الأعمال مع الشركة الهندية المتعاونة جداً بعد إجراء بعض التغييرات البسيطة لإنهاء العمل المتوقع قبل نهاية المدة العقدية المحددة في شهر نيسان من عام 2017 لذلك تم تكثيف الجهود باستقدام نحو 35 خبيراً هندياً وأكثر من 100 مهندس من شركة إيسك السورية لتسريع وتيرة العمل. كما تطرق المهندس جهاد سيف الدين من شركة إيسك السورية إلى تضافر الجهود بين شركة أبولو انترناشيونال الهندية وشركة إيسك كمتعهد ثانوي والشركة العامة لصناعة الحديد والفولاذ في حماة والجهات الوزارية على أعلى المستويات التي أثمرت بفترات قياسية من تركيب كل الأجهزة والمتممات واللوازم, وهناك إصرار كبير على المعرفة وبذل أقصى قدرة وجهد ممكن لتسريع وتيرة العمل الذي وصل إلى النهايات بالتجريب والاختبار ولم يبق سوى اللمسات الأخيرة للتشغيل الفعلي.
ميزات ومطالب العمال
وخلال جولة تشرين أفردت مساحة للعاملين في الشركة ومنهم عبد الكريم وخالد وطارق ومحمد وعصام للحديث عن همومهم ومطالبهم التي تركزت على عودة الحوافز الإنتاجية والوجبة الغذائية, ورفع الرواتب والأجور التي لم تعد كافية لبضعة أيام فقط من الشهر وخاصة لمن لديه أسرة كبيرة أو مصاب بمرض مهني من جراء العمل, وتحسين جودة الخبز ومراقبة الوزن الذي يتلاعب به مستثمر المخبز الموجود في الشركة, و توسيع شبكة نقل العاملين إلى الريف, ومكافأة المستحقين ممن يقوم عليهم العمل الحقيقي ولاسيما العمال الذين يتعرضون للأخطار والإصابات لتعاملهم مع الحديد المقطع والزوايا الحادة والبروزات المؤذية وتزويد مستوصف الشركة بأنواع جديدة من الأدوية والمعدات الطبية تغني العامل عن الذهاب إلى عيادات الأطباء أو المشافي خارج الشركة إلا في الحالات الصعبة.
وأوضح رئيس اللجنة النقابية هلال العبد الله أن الميزات التي يتم منحها للعاملين تتمثل بتأمين وسائط النقل والطبابة المجانية واللباس, مشيراً إلى أن الوجبة الغذائية والحوافز والمكافآت التشجيعية ستعود وهي من حق العامل فور انطلاق العمل والعودة إلى الإنتاج, علماً أن الرواتب والنقل لم تتوقف أو تتأخر طوال الخمس سنوات الماضية والشركة بلا إنتاج, مضيفاً أن النقابة مع العامل وستبقى الحريصة على الدفاع عن حقه بالتعاون والتنسيق مع إدارة الشركة والاتحاد العام لنقابات العمال وتنقل هموم العمال عبر المؤتمرات النقابية وتأمل من الجهات الوصائية زيادة الاهتمام بفئة العمال المنتجين وبالذات العاملين في المهن الخطرة.
صداقة عريقة
لم يكن تفاعل الخبراء الهنود مع الإعلام أقل من السوريين رغم عدم قدرتهم على التحدث باللغة العربية, وقال الخبيران الهنديان اشاتوش وأنكور من شركة أبولو: إن الواقع في سورية ممتاز جداً ولا شك في أن العلاقات السورية الهندية تتميز بصداقة عريقة وقديمة وهناك تقارب في الأفكار وبعض العادات والحياة المعيشية رغم اختلاف اللغة وخاصة فيما يتعلق بأخلاقيات العمل والإخلاص فنحن على مدى سنوات العمل في الشركة عشنا مع العمال السوريين ولمسنا التعاون إلى أبعد الحدود وكرم الضيافة والتفاني في تأمين كل أنواع المستلزمات سواء للعمل أو لراحتنا وأماننا ونحن مرتاحون جداً والإقامة ممتعة مع فارق كبير بين الفترة التي سبقت الحرب واليوم ومع ذلك فنحن على استعداد للعمل في أي مشروع على الأراضي السورية يسهم في تعزيز العلاقات والروابط والصداقة بين الهند وسورية ولمسنا طيبة الناس من العاملين والمواطنين والاهتمام الكبير باكتساب الخبرة والمهارة في التركيب والصيانة وتفاصيل التصنيع للمعدات الجديدة ونحن لن نبخل بالمعلومات على أصدقائنا لأن سورية بلد جميل جداً وسننقل ما رأيناه من حسن التعامل والكرم إلى الشعب الهندي لتشجيع من يرغب بزيارة سورية سواء بقصد العمل أو السياحة للقدوم وفي كل الأوقات.
مساحات للاستثمار
تترامى مساحات واسعة من الأراضي ضمن أسوار الشركة منها ساحات تجميع وفرز الخردة المعدنية وهناك مساحات فارغة يرغب العمال في أن يكون لها مردود إضافي من خلال استثمارها زراعياً لخصوبة ترابها وتوافر مياه الري على أن توزع منتجاتها على العاملين كمساعدة في دعم رواتبهم الضحلة, ولكن هذا الأمر يحتاج إلى لفتة وزارية وتعاون من إدارة الشركة والأهم حسب العاملين أن تكون الحصة الأكبر منها للمحتاجين وهم على استعداد للمساهمة بجزء من وقتهم المخصص للاستراحة بالعمل فيها لأنها ترتبط بتكوينهم الجسدي والحنين إلى الأرض وعشق التراب المعطاء الذي لا يبخل بالخير على الإنسان.

#شارك