«الدبس» وحيدة القطاع الصناعي العام بامتلاكها عملية إنتاج متكاملة
2016-11-02 11:26:51
محمود: نعمل في ظروف استثنائية وميزات تشجيعية لا ترقى إلى مستوى الأداء الإنتاجي
لم يكن من قبيل المصادفة لقاؤنا مع عمال وإدارة الشركة العربية المتحدة للصناعة «الدبس» وإنما عن إصرار بغية التعرف عن قرب على الواقع الإنتاجي والتسويقي والعمالي والظروف التي تعمل فيها الشركة في ظل الحرب الإرهابية التي فرضتها الدول المعادية والحصار الاقتصادي المفروض من الدول ذاتها لفرض الهيمنة وتدمير بنية الدولة الاقتصادية والاجتماعية وغيرها.
إضافة لمعرفة الآلية التي تعمل بها في ظل صعوبات تأمين مستلزمات الإنتاج وإجراء عمليات الاستبدال لخطوط الإنتاج ونقص العمالة الخبيرة وغيرها من الصعوبات وتسليط الضوء على الأرقام الإنتاجية والتسويقية خلال سنوات الأزمة ولاسيما أن الشركة تأثرت بشكل مباشر وغير مباشر بسلبياتها..لكن إرادة العمل لدى عمالها وإدارتها كانت الأقوى من كل الصعوبات..
الواقع كما هو
البداية كانت مع المدير العام للشركة علي محمود محمود الذي سألناه عن الواقع الفعلي للشركة من حيث الإنتاج والتسويق وصعوبات العمل والخسائر التي تعرضت لها خلال سنوات الأزمة.. قال: إن واقع العمل الحالي للشركة صعب جداً ولكن نتغلب عليه بجهود إضافية تقوم أساساً على التعاون ما بين إدارة الشركة من جهة والعمال من جهة أخرى.
ورغم الصعوبات الكبيرة التي تمر فيها بلدنا والظروف الأمنية الصعبة نتيجة أعمال المجموعات الإرهابية وخاصة صعوبات تتعلق بانقطاع التيار الكهربائي المستمر وصعوبة تأمين المواد الأولية وخاصة الغزول وارتفاع أسعارها المستمر، والأهم صعوبة وصول العمال للشركة نتيجة الأوضاع الأمنية، الأمر الذي اضطررنا فيه لتشغيل عمال الشركة بواقع 16 ساعة عمل متواصلة وهذا ما أثر سلباً في إنتاجية العامل، إلى جانب صعوبات أخرى سنأتي على ذكرها لاحقاً.. وأضاف علي: إننا نتعاون مع الجهات الوصائية والشركات الأخرى لتأمين المستلزمات ولو بالحدود الدنيا للتشغيل في ظل الظروف الراهنة.
ونسعى جاهدين كإدارة من أجل تطوير الشركة في كل المجالات، ونحاول ضمن الإمكانات الفنية الحالية إيجاد أصناف جديدة مسوّقة ذات ريعية تكون بديلاً لأكياس الطحين التي كانت تعتمد عليها الشركة بشكل رئيس في إنتاجيتها كأصناف الجينز وغيرها.
وتالياً فقد استطعنا أن نحقق في شركتنا خلال العام 2014 أرقام إنتاج ومبيعات لا بأس بها حيث بلغت قيمة الإنتاج الجاهز خلال العام المذكور بحدود 1,5 مليار ليرة وبلغت قيمة المبيعات 1,3 مليار ليرة علماً أن فاقد الإنتاج يقدر بحوالي 900 مليون ليرة وفاقد المبيعات حوالي مليار ليرة وهي أضرار غير مباشرة بسبب الظروف الراهنة والناجمة عن العمليات الإرهابية وبذلك تكون قيمة الخسائر بحدود 1,9 مليار ليرة.
أما فيما يتعلق بوضع البنى التحتية للشركة فقد ذكر محمود أن وضعها ضمن الحدود المقبولة وقد تحسن الواقع الكهربائي بشكل ملحوظ خلال العام الحالي وهذا بدوره انعكس بشكل إيجابي على واقع الشركة الإنتاجي والتسويقي وهذا ما تؤكده الأرقام.
لكن ما يميز شركتنا عن بقية الشركات أنها الشركة الوحيدة في القطاع العام والخاص التي لديها عملية إنتاجية متكاملة من الأقمشة وحتى التجهيز النهائي بسبب امتلاكها الكوادر الفنية والإنتاجية الخبيرة في مختلف الأقسام الإنتاجية (نسيج- مصبغة-مطبعة). تأثيرات الأزمة
ما ذكرته يسوقنا إلى سؤال في غاية الأهمية عن الواقع الإنتاجي والتسويقي للشركة والتطورات التي حصلت ولاسيما في ظل ظروف الأزمة وصعوبة تأمين مستلزماتها الأساسية.
ولو استعرضنا والكلام لمحمود، بعض الأرقام الإنتاجية والتسويقية للشركة خلال سنوات الأزمة بالمقارنة مع العام 2010 مع الأخذ بالحسبان تطورات وحركة أسعار الصرف ندرك تماماً التأثيرات السلبية لها وإصرار الشركة وعمالها على تجاوزها.
نذكر على سبيل المثال المبيعات في عام 2010 بلغت قيمتها الإجمالية 815 مليوناً وارتفعت في العام 2011 إلى 856 مليون ليرة وفي العام 2012 وصلت لمبلغ 1,1 مليار ليرة لكنها تراجعت في العام 2013 إلى ما دون 973 مليون ليرة، وهذا العام أكثر الأعوام سوءاً للشركة، لكن استطاعت الشركة تحسين واقعها التسويقي وحققت مبيعات إجمالية قدرها 1,3 مليار ليرة في العام 2014 وتجاوزت سقف 2,8 مليار ليرة في حين بلغت قيمتها حتى نهاية أيلول من العام الحالي بحدود 3,7 مليارات ليرة ونتوقع زيادة في المبيعات لأكثر من خمسة مليارات ليرة. خسائر مباشرة وأضرار
أمام هذا الواقع كيف تقيمون خسائر الشركة المباشرة وغير المباشرة نتيجة الحرب الكونية والحصار الاقتصادي الظالم على بلدنا؟..
إن شركتنا كبقية القطاعات الاقتصادية تأثرت بشكل مباشر بالأزمة سواء على صعيد الحرب والأعمال الإرهابية أو على صعيد الحصار الاقتصادي الذي أدى لخسارة الشركة للأسواق الخارجية التي كانت تصدر إليها منتجات الشركة بصورة مباشرة، إضافة لصعوبة تأمين القطع التبديلة اللازمة لخطوط الإنتاج وغيرها، ونحن نستطيع تقدير أن الأضرار بصورة إجمالية تتجاوز 5,5 مليارات ليرة، منها أضرار غير مباشرة تقدر قيمتها بنحو 5,2 مليارات ليرة تعد فاقد طاقة إنتاجية للشركة وبقية المبلغ المذكور سابقاً والمقدر بـ 300 مليون ليرة أضرار مباشرة منها سرقة مواد أولية وأثاث وتجهيزات وآلات وعمليات تخريب وغيرها، إضافة إلى فقدان اليد العاملة نتيجة الاعتداءات الإرهابية.
في حين نفذت الشركة إصلاحات بقيمة لا تتجاوز سقف 140 مليون ليرة. صعوبات بالجملة
مدير الإنتاج في الشركة هشام الغازي تحدث عن الصعوبات الإنتاجية التي تعترض عمل الشركة وحددها في عدة نقاط أساسية نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
نقص العمال البالغ عددهم 381 عاملاً بنسبة 44% عن المخطط غير المفرزين والمندبين الذين يزيد عددهم على 130 عاملاً.
النقص والضعف في الكوادر الإدارية والفنية في مجال الالكترونيات الدقيقة وعدم وجود آليات للشركة لنقل العمال بحوالي 10 باصات لتوفير أجور القطاع الخاص العالية.
انقطاع التيار الكهربائي بصورة مستمرة والذي يعادل 629 ساعة عمل تعمل 26,2 يوم عمل بنسبة عمل 15% من الفعلي وانخفاض الفولتاج وحدوث الرفات الكهربائية حيث تم تشغيل مولدة الكهرباء، و بلغت مدة تشغيلها التراكمي حوالي 557 ساعة استهلكت خلالها حوالي 69 ألف ليتر مازوت بلغت قيمتها الإجمالية حوالي 9 ملايين ليرة ما أدى إلى زيادة تكلفة الإنتاج في الشركة لأن هذه الزيادة تضاف إلى التكلفة الفعلية للإنتاج. صعوبات مالية
وحدد المدير المالي في الشركة عاطف كريدي الصعوبات المالية بجملة من البنود في مقدمتها:
الظروف الراهنة التي أدت لتراجع في السيولة المالية لشركتنا وعدم تسديد بعض الجهات العامة لالتزاماتها المالية تجاه الشركة وتراجع المبيعات من القطاع الخاص بشكل ملحوظ والتشابكات المالية مع الجهات العامة التي أفقدت الشركة الكثير من سيولتها المالية.
أما فيما يتعلق بالصعوبات التسويقية فقد أكد كريدي أن ارتفاع أسعار الأقمشة بسبب ارتفاع أسعار الغزول ومستلزمات الإنتاج الأخرى من أهم المشكلات التي تعترض عمل الشركة إضافة لقدم الآلات ما يعوق إنتاج أصناف حديثة ومتطورة تلبي أذواق المستهلكين وانعدام فرص التصدير بسبب ارتفاع الأسعار وعدم وجود وكلاء للبيع في الخارج بسبب الظروف الحالية.img_1098 التنظيم النقابي
وللتنظيم النقابي دور مهم في استقرار العمل الإنتاجي والتسويقي في الشركة وذلك من خلال التنسيق مع الإدارة لتأمين متطلبات العمال وفق القوانين النافذة، هذا ما أكده رئيس اللجنة النقابية في الشركة علي علي، مضيفاً: إن اللجنة تسعى مع إدارة الشركة والجهات الوصائية والاتحاد العام لنقابات العمال لتأمين حاجات العاملين بقصد تحسين المستوى المعيشي لهم سواء من خلال زيادة الحوافز الإنتاجية والعمل الإضافي وتأمين الطبابة الكاملة وغيرها من القضايا المرتبطة بالعمل بصورة مباشرة ولاسيما العمل الإضافي، إذ تمت المطالبة برفع النسبة المئوية للعمل الإضافي والمحدد بنسبة 5% من سقف الفئة وضبطه من خلال ما تتطلبه مصلحة العمل والسعي لمنح ترقية استثنائية للعاملين الذين مضى عليهم أكثر من أربع سنوات ولم يستفيدوا من الزيادات الدورية وزيادة قيمة الوجبة الغذائية اليومية بما يتناسب مع ارتفاع الأسعار لكون قيمتها الإجمالية المصروفة في الشهر الواحد لا تكفي يوماً واحداً لأسرة مؤلفة من خمسة أشخاص.
إضافة إلى مطالب أخرى يمكن حصرها بفتح سقوف الراتب وإعادة منح تعويض الاختصاص لخريجي المعاهد والثانويات الصناعية والفنية وخاصة المعينين لدى الشركة بعد العام 1986 والمتوقف العمل به بموجب قرار وزارة الصناعة رقم 2014/ص/42/9 تاريخ 24/5/2009، إضافة لتأمين مساكن عمالية قريبة من الشركة ولاسيما أن الأرض متوافرة بالقرب منها لما للأمر آثار إيجابية على العمال والشركة في الوقت ذاته.
والأهم تثبيت عمال العقود السنوية وخاصة أن معظمهم من فئات الشباب الذين مازالوا مستمرين في العمل منذ أكثر من أربع سنوات مضت.
وشاطره الرأي أمين سر اللجنة النقابية منيف العبود مضيفاً ضرورة معالجة أسباب تدني الإنتاج والعمل على تطوير آلات الإنتاج وإجراء الصيانة للآلات وأنوال الغزل ووضعها في الخدمة الفعلية ولاسيما أن الشركة استطاعت إدخال أكثر من 80 نولاً للخدمة الفعلية بأيدي وخبرات الشركة علماً أن هذه الآلات تعود لعشرات السنين.
وأضاف أن خطوط الإنتاج بحاجة إلى استبدال بشكل كامل ولاسيما أن أغلبيتها تعود إلى خمسينيات القرن الماضي وعلى الرغم من ذلك فهي مازالت تعمل ضمن طاقات إنتاجية مقبولة بفضل عمليات الاستبدال والتجديد التي تقوم بها الشركة وذلك بالإمكانات المادية والفنية المتوافرة في الشركة. الوعدة إلى غير رجعة
وبالعودة إلى مدير عام الشركة علي محمود للحديث عن تجربة البيع بالوعدة والتي خسرت الشركة عشرات الملايين من الليرات نتيجة الأخطاء الإجرائية والمالية.
يقول محمود: إن تجربة البيع بالوعدة أصبحت من الماضي والعودة إليها شبه مستحيلة لأنها تجربة لم تكتمل في إجراءاتها التسويقية ولا حتى الإجرائية، ولم تكن تحمل الطابع الاقتصادي الجاد للشركة في عملية البيع بدليل أن الشركة فقدت قيمة إنتاجية تقدر بمئات الملايين من الليرات وذلك في عقد التسعينيات من القرن الماضي وكانت تجربة فاشلة بامتياز لكن الإدارات السابقة بقوة القانون استعادت جزءاً كبيراً من الأموال ومازال هناك أكثر من 100 مليون ليرة إضافة لمعالجة ملف كامل في محافظة اللاذقية وحصول الشركة على عقارات عادت ملكيتها للشركة مقابل الاستجرارات التي حصلت ضمن إطار عملية البيع بالوعدة وتالياً البعض منها تم تحصيله عبر التسويات أو بالملاحقات القضائية. التشغيل للغير محصور
أما فيما يتعلق بالتشغيل للغير والذي اتخذته بعض شركات القطاع العام وخاصة النسيجية منها فقد أكد محمود أن الأمر محصور في قسم واحد فقط في الشركة وهو قسم التجهيز النهائي وذلك لمصلحة القطاع الخاص أي «صباغة أقمشة- طباعة وقصارة» فقط، وغير ذلك فإن كامل مراحل الإنتاج هي لمنتجات الشركة وبما يخدم إنتاج سلع تلبي حاجة الأسواق والجهات العامة من شاش وقطن وأقمشة وغيرها.
وتالياً التشغيل للغير كان ضمن الحدود الدنيا وبما لا يتعارض مع سياسة الشركة الإنتاجية وحتى التسويقية وبما يحقق عوائد مادية إضافية لها. مشروع اقتصادي بامتياز
التفكير باستغلال الطاقات المتوافرة في الشركة سواء على المستويين الفني والبشري أمر في غاية الأهمية ولاسيما إن لدى الشركة إمكانات موجودة لكنها بحاجة إلى تفعيل أكثر وفق رؤية اقتصادية واضحة يتم تنفيذها على أرض الواقع بعد تأمين مستلزماتها وهذا الأمر ينطبق على مشروع «إنتاج الجينز» حيث أكد مدير التخطيط في الشركة أحمد صالح الحاج عبد الله ضرورة تنفيذه وخاصة الأرضية المتوافرة إذ يمكن تركيب آلات إنتاج «الجينز» مكان خط الغزل المنسق والبناء متوافر لكنه يحتاج للصيانة والأعمال المدنية والخدمية إضافة لوجود مصبغة حديثة طاقتها الإنتاجية حوالي 648 كغ بالوردية الواحدة. كما إن مصبغة القماش حديثة أيضاً وذات طاقات إنتاجية كبيرة يمكن الاستفادة منها للتجهيز النهائي لقماش «الجينز» من صباغة وغيرها.. لكن ما يحتاجه المشروع من بنى أساسية أخرى يتعلق بمحطة تكييف وبعض الأعمال المدنية والخدمية وآلات لمعالجة قماش الجينز وآلات التحضير وهذه جميعها يمكن تأمينها مباشرة في حال نفذ المشروع.img_1067 باختصار شديد
ولتجاوز الصعوبات يقترح المدير العام للشركة علي محمود تأمين الغزول وخاصة الممزوجة وتأمين العمالة الكافية علماً أنه تمت الموافقة مؤخراً من قبل الوزارة على تعيين حوالي 220 عاملاً (رفد خطوط الإنتاج في الشركة).
إضافة لتعديل نظام الحوافز الإنتاجية وتعديل التعرفة بما يتناسب مع الأجور الحالية وتسوية أوضاع العمال المفرزين وتأمين كوادر خبيرة من الفنيين وحل التشابكات المالية ورفع سقف الشراء المحلي إلى مليون ليرة.
واقترح أيضاً إعفاء الشركة من الرسوم والضرائب التي تسدد على العقود المبرمة مع الجهات العامة ورصد الاعتمادات الكافية لتنفيذ الخطط الاستثمارية وإقامة دورات مركزية لرفع كفاءة كوادر الشركة.
ومن المهم جداً تحديث التشريعات والقوانين بما يضمن إعطاء الحرية والمرونة الكافية للجنة الإدارية والمجلس الإنتاجي في الشركة لإدارة كل أمور الشركة ورسم استراتيجيتها بما يضمن تحقيق أعلى ريعية اقتصادية. خطة لخمس سنوات قادمة
وأوضح محمود أن الشركة ستطرح عدة مشاريع لتطوير نشاطها بشكل كامل ما سيجعل منها شركة إنتاج متكاملة بدءاً من إنتاج الغزول وحتى إنتاج أقمشة الألبسة مستفيدة من موقعها الجغرافي المميز، و في مقدمة هذه المشاريع:
-تجديد واستبدال قسم الغزل في الشركة وخاصة أنها ذات خطوط إنتاجية متكاملة أساساً (غزل-نسيج-تجهيز نهائي) مع الإشارة لوجود دراسة جدوى اقتصادية لاستبدال قسم الغزل منذ العام 2004.
-تجديد واستبدال صالة النسيج والتي قدرت قيمتها الاستبدالية بحوالي 1,2 مليار ليرة وفق دراسة أولية أعدتها الشركة مع الأخذ بالحسبان فوائد القرض الذي قد تحصل عليه الشركة مع تقدير الطاقة الإنتاجية بحوالي 3000 طن من الأقمشة الخاصة وحوالي 10 ملايين متر أقمشة خامية.
إنشاء خط حديث لإنتاج أقمشة «الجينز» وخط آخر حديث لإنتاج البشكير.