ارتفاع أقساط رياض الأطفال.. سباق مادي يقوده أصحاب المؤسسات الخاصة

2016-11-01 10:44:36

الضغط الكبير على الرياض والمدارس الخاصة في ريف دمشق جعل أصحاب هذا القطاع يفرضون أقساطا سنوية تضاعفت عما كانت عليه في العام الماضي لتصبح أكثر إرهاقا للأهالي، فالقسط السنوي يتراوح بين 50 و200 ألف ليرة عدا وسائط النقل، وهذا يفوق قدرة المواطن،

ولاسيما في الظروف المعيشية الصعبة حالياً وارتفاع الأسعار الذي طال كل شيء، لأن المواطن لديه حاجيات ومتطلبات أخرى إضافة إلى أن الأرباح التي يجنيها أصحاب مشاريع الرياض والمدارس الخاصة ليست بالقليلة. ما يدفع الكثيرين إلى الدخول بهذا النشاط المغري مادياً الذي تغطيه مخالفات بعض الرياض والمدارس التي تسرح وتمرح في غياب رقابة تربوية واضحة.‏

واقع ملموس‏

مع أن مرحلة الرياض أصبحت ضرورة ملحة أكدها الباحثون الاجتماعيون لكونها تهيئ الطفل للتكيف مع الآخرين ومع أجواء الدراسة. كما أكدها واقع المناهج في المرحلة الأولى للتعليم الأساسي والذي يزداد صعوبة عاما بعد عام. ورغم ذلك الكثير من الأهالي تحدثوا إلينا عن عدم قدرتهم لإرسال أولادهم إلى الروضة، فهم ينتظرون ليصبح الطفل بسن السادسة ويرسلونه مباشرة إلى المدرسة،ليس لأنهم لا يرغبون بذلك بل لأن ظروفهم المادية لا تسمح لهم بدفع متطلبات الروضة. وهناك من يلجأ إلى طريقة الرمد أفضل من العمى فيرسلون أولادهم لسنة واحدة، أو لفصل واحد قبل دخولهم المدرسة‏

منافسة كبيرة‏

تقول السيدة رنا ديب أن كثرة رياض الأطفال التي افتتحت هذا العام في منطقة جرمانا خلقت نوعا من المنافسة بين هذه الرياض من حيث عرض الخدمات والأنشطة. إلا أنها بالنسبة للأقساط بقيت في غالبيتها متقاربة لدى الرياض ذات الدرجة الثالثة والرابعة. فبعد جهود كبيرة وضعت ابنتي بمبلغ قدره 75 ألف لروضة حديثة العهد.‏

السيدة عفراء محمود بحثت كثيرا حتى تمكنت من وضع أولادها في روضة تقبل بتقسيط المبلغ على أربع دفعات، وبمبلغ 80 ألفا لكل طفل بدون أجور الباص، وتستغرب اختلاف الأسعار بين الرياض التي تقدم خدمات متشابهة وتتخذ أمكنة متشابهة فهي على الأغلب موجودة في أقبية الأبنية فلا تدخلها الشمس ولا يستطيع الطفل أن يمارس هوايته إلا ضمن الغرف الصفية.‏

وتحدث الأهالي عن ارتفاع الأسعار للأطفال الذين يتابعون دراستهم في نفس الروضة وعن سبب المبالغة بالتسعيرة لدى بعض المدارس والرياض لتصل إلى 175 ألفا لكل طفل مع أنه لا يوجد أي تحديث بالخدمات أو طرائق التدريس. من جهة أخرى يرى أصحاب الرياض أن ذلك طبيعي في ظل ارتفاع السلع إضافة إلى ارتفاع النفقات من حيث أجور المدرسات أو ترميم وصيانة الرياض... فبالكاد الأقساط الحالية «توفي» معنا..‏

لا تتوقف المشكلات التي طرحها الأهالي عند ما يدفعونه من أقساط مادية فهناك مشكلة مع الوسائل التعليمية التي تعتبر عادية واقل من جيدة مقارنة مع المبالغ التي يدفعها الأهالي وهناك اختلاف في تبني المناهج التي تقدم في هذه الرياض، وبعد عن الوسائل التربوية في ملء وقت الأطفال في الحصص الترفيهية حيث وصلت شكاوى عن بعض الرياض التي تحول هذه الحصص إلى دروس دينية، ومع احترامنا الكبير للجانب الديني ولكن يفترض ألا يقحم لدى الأطفال بطرق موجهة من قبل أصحاب الرياض أو مالكيها على اعتبار أننا في مجتمع يضم من جميع الشرائح والأطياف.‏

حديث القانون‏

حول تدخل الوزارة بموضوع الأقساط وشهادات المعلمين والدور الرقابي أكد مدير التعليم الخاص في وزارة التربية محمد شيكاغي: أنه لا يوجد سقف محدد لموضوع الأقساط ولكن هناك دراسة حول هذه المؤسسات التربوية إذا كانت تتناسب من حيث التصنيف والخدمات مع المبالغ الموضوعة، كما أن هناك إشرافاً على مخرجات التعليم. مبينا أن المادة 37 من التعليمات التنفيذية للمرسوم التشريعي رقم 55 لعام 2004 تلزم المؤسسة التعليمية الخاصة قبل بداية تسجيل الطلاب في كل عام بالحصول على موافقة الوزارة على الأقساط السنوية المحددة من قبلها لكل مرحلة وإعلانها بشكل بارز في لوحة الإعلانات الخاصة بالمؤسسة على أن يشمل القسط الرعاية الصحية والخدمات التعليمية وثمن القرطاسية ورسم التسجيل. كما أنه على المؤسسة إعلام المديرية وأولياء الأمور بأجور النقل وأجور الخدمات قبل التسجيل.‏

وأوضح مدير التعليم الخاص أنه ووفقا للمادة الأولى يجوز إعادة النظر بالأقساط بما لا يتجاوز الـ5% كل سنتين على ألا تشمل الزيادة الطالب القديم أكثر من مرة واحدة، وأنه للوزارة الحق في اعادة النظر في أحكام هذه المادة في حال صدور قوانين أو مراسيم بزيادة أجور العاملين أو قرارات بزيادة أسعار المازوت.‏

وبالاستفسار حول هذا البند أكد شيكاغي: أن الارتفاع جاء نتيجة ارتفاع سعر المحروقات والمواد والمستلزمات والخدمات التي تقدمها المؤسسة التعليمية الخاصة وأنه حاليا يتم تشكيل لجنة لدراسة تقديم الـ 7500 للعاملين في القطاع التربوي الخاص التي صدرت ضمن مرسوم زيادة الرواتب للعاملين في القطاع العام والخاص.‏

شهادات المعلمين‏

تشير المعطيات في الكثير من رياض الأطفال على وجود مشرفين ومعلمين يحملون ثانوية عامة فقط أو أنهم طلاب في مرحلة الدراسة الجامعية. فكان الرد حول شهادات المعلمين بالتأكيد على أن يكون حاصلا على إجازة جامعية أو مؤهلا تربويا وأن تتوفر فيه شروط التعيين في المدارس الرسمية، بصفة معلم اختصاص في رياض الأطفال. ان كان حاصلا على أهلية التعليم الابتدائي أو الإعدادي أو من حملة الشهادة الثانوية العامة ومارس التعليم مدة لاتقل عن 500 يوم بصفة معلم روضة. بينما يجب أن يحصل الإداري على المؤهل المطلوب ليشغل هذه الوظيفة.‏

إشراف روتيني‏

بالوقت الذي يتساءل الأهالي عن دور الإشراف في متابعة الوسائل التدريسية وطرق التعامل مع الأولاد في هذه الرياض، ويرون أنها زيارات روتينية ودية. فإن التعليمات التنفيذية للمرسوم رقم 55 تقضي بتولي الوزارة أعمال الإشراف التربوي والإداري على المؤسسات التعليمية الخاصة وتعامل معاملة المدارس الرسمية بهذا الشأن وذلك من خلال قيام الموجهين التربويين والاختصاصيين والمديرين المندبين بالإشراف على سير العملية التربوية.‏

الشهر القادم فاتحة خير‏

بالاستفسار حول المناهج الحالية المعتمدة في رياض الأطفال وتعليم ما قبل المدرسة أكدت مديرة المركز الوطني لتنمية الطفولة المبكرة كفاح حداد أن الوزارة بدأت منذ عام 2009 بترميم الفريق الوطني الذي يعمل على تأليف مناهج رياض الأطفال ويضم اختصاصيين من الوزارة ومن كلية التربية بجامعة دمشق والمركز الإقليمي لتنمية الطفولة ومن الرياض الخاصة. مبينة أن هذه المناهج تم تعميمها على الرياض التابعة لوزارة التربية ليتسنى للفريق رصد الملاحظات والتعديل على أساسها. وأنه في عام الـ 2013 تم تأليف فريق عمل وطني من الاختصاصيين والوصول إلى مناهج رياض الأطفال المطورة بالشكل النهائي، حيث تمت طباعتها وتوزيعها على جميع الرياض ليتم العمل بها.‏

وأوضحت حداد أن آليات التدريب على هذه المناهج ستبدأ اعتبارا من أول شهر تشرين الثاني للعام 2016 في المركز الإقليمي لتنمية الطفولة المبكرة وفي جميع المحافظات منوهة أن المناهج الجديد تواكب المستجدات فيما يتعلق بتكريس القيم الوطنية والتطورات العلمية.‏
                     جريدة الثورة

#شارك