عمال «وسيم» في المليحة يستذكرون لحظات عملهم تحت قذائف الإرهاب شهداء ارتقوا بقذائف الموت .. وعاهات في أجسادهم مدى الحياة

2016-09-06 13:06:08

حينما تكون وجهتك «المليحة» يصبح للحديث نكهة مميزة برائحة عرق الجنود المتمترسين خلف السواتر ترافقك على طول الطريق في عمق بساتينها تزفها إليك نسائم الغوطة وبشارات النصر يهولك حجم الدمار الذي خلفه الإرهاب وسط هذا الخراب، يصلك صوت ماكينات وآلات الشركة السورية للألبسة الجاهزة /وسيم/ معلنة الحياة في تلك المنطقة والإصرار على البقاء بعد أن تستمع إلى قصص ومعاناة عامليها من الإرهاب وعندما تعلم أن الكثير من العاملات اللواتي أصبن لاتزال الشظايا في أجسادهن شاهدات على روايات صراع من أجل أن تبقى آلات وماكينات الخياطة تضج بالحركة والإنتاج اللذين لم يتوقفا لحظة واحدة طوال الحصار وقذائف الموت وبقيت شاهدة على تحرير المدينة بسواعد الجيش وتعمل تحت أجنحة حمايته.IMG_٢٠١٦٠٨٢٤_١٢٢٧٢٣

مشاهدات

تتحدث انطوانيت عوض- رئيسة صالة الخياطة بابتسامة ممزوجة بالألم عن اللحظات العصيبة التي عاشها العمال لحظة سقوط قذائف الإرهاب وصاروخ الموت في قلب الصالة استشهد على إثرها ثلاثة عاملين على الفور، وتعرض العديد من العاملات لإصابات بليغة بعضهن عولجن والبعض الآخر لايزال قيد العلاج، وتستذكر انطوانيت بحرقة وألم صديقتها العاملة (جورجيت عويل) التي أصيبت إصابة بليغة في الوجه والرأس ودخلت على إثرها العناية المشددة مدة ستة أشهر ولا تزال مقعدة ومشلولة إثر إصابتها بالرأس، وقد فقدت إحدى عينها وجزءاً من وجهها وتابعت عوض تقول: إن العاملة جورجيت عويل تعاني فقدان ذاكرة أحياناً وتصاب بحالة من الهستيريا كلما تذكرت لحظة سقوط الصاروخ وهول الانفجار..
وتعود بنا رئيسة الصالة إلى بداية الأحداث وتقول: لم نتوقف يوماً عن العمل طوال فترة اختطاف المليحة من قبل الإرهابيين وكنا نشاهد المسلحين في طريقنا إلى الشركة وحتى لحظة تحريرها من الإرهابيين.

مع المصابين

ريتا الفحل أخبرتنا عن لحظة سقوط الصاروخ في صالة الخياطة وقد أصيبت بالعديد من الشظايا في اليد والظهر وعولجت على إثرها لكنها حتى اللحظة تعاني آلاماً في اليد حيث تفتقد الشعور بالإحساس في أصابع يدها بعد تهتك في الأعصاب سيرافقها طوال حياتها وتحمد الله أمام إصابة زميلتها «ملك الأحمد» حيث تروي العاملات أن العاملة «الأحمد» مصابة بشلل على إثر قطع في النخاع الشوكي أقعدها كلياً عن العمل نتيجة شظية أصابتها في الفقرة السابعة بالظهر.
كما تروي هنادي عسقول كيف أصيبت بثلاثة كسور في الكتف وتهتك بالعظم وشظايا بالظهر مازالت تقبع في جسدها كشاهد لا يمحى على قذائف وحقد الإرهاب وتقول: لاتزال الشركة تتابع علاجي وكذلك العاملة مدينة الصفدي التي قالت لا أستطيع أن أنسى لحظة وقوع الانفجار مادمت حية فآثاره في جسدي ماثلة كما الوشم بعد إصابتي بالعين ومازالت بعض الشظايا في وجهي ولا تزال.. وأيضاً العاملة نجلاء نعمان لاتزال حتى اللحظة تعاني من شظية في يدها تصعب إزالتها مع بعض الشظايا في جسدها.
كما تروي زويا الطويل كيف أصيبت في قدميها ويديها ومعاناتها مع الحروق في الكتف وتقول أعمل منذ 21 عاماً وبأن الحوافز مازالت كما هي ولم تعد تتلاءم مع الراتب الحالي وتتسع القائمة للعديد من العاملات المصابات كالعاملة خديجة دياب ولينا مهاوش وفريـال شنور ومنال ضوا ودلال الحلاق وغيرهن مازلن يعانين حتى اللحظة من جرائم الإرهاب وبقايا شظاياه الماثلة في أجسادهن.IMG_٢٠١٦٠٨٢٤_١٢٢٢٢٦

تحسين سمعة المنتج

إن خطوط العمل في الشركة /وسيم/ لا يمكنها أن تنافس القطاع الخاص بسهولة الذي يواكب دائماً «الموديلات الجديدة» وأذواق المستهلكين الذي يكتفي غالباً بعدد قليل من القصات والموديلات التي يعمل على تصريفها بسرعة لينتقل إلى موديل آخر وهو ما لا تستطيعه الشركة بخطوطها الحالية التي تنتج بكميات كبيرة ما يؤدي إلى تراكم في الموديلات أحياناً واعتمادها في السابق على إنتاج ألبسة العمال وبعض الألبسة المدرسية وألبسة «الطقم» وهو ما تعمل إدارة الشركة حالياً على استدراكه وفق المتاح.
مدير الشركة ورئيس اللجنة الإدارية هيثم زاهر أوضح أنه ومنذ تسلمه قبل عام إدارة الشركة وبهدف مواكبة الأذواق والسوق تم تشكيل فريق عمل إنتاجي من كادر الشركة (المخبر، النقابة، مفاصل الإدارة، المعنيين بالتكنولوجيا والتصاميم) وبإشراف مدير الإنتاج، مهمة الفريق سبر الأسواق والتقصي عن النماذج الموجودة في الأسواق والقيام بسحب نماذج وقوالب عنها وبما يواكب أذواق المستهلكين العام وهو ما كانت تعانيه الشركة سابقاً وتصنيع كميات قليلة ونوعية منها وعرضها في منافذ بيع الشركة وقد لاقت رواجاً ومبيعاً ملحوظاً ولاسيما ألبسة «البيجاما» لمختلف الشرائح ولادي ورجالي ونسائي وبأسعار مقبولة قياساً بأسعار السوق.
وأضاف زاهر: قام الفريق الإنتاجي بالاستفادة من الآلات المتوافرة في الشركة وتجميعها في قسم خاص يعمل على التصاميم الجديدة لإعادة السمعة لمنتجات الشركة ولاسيما «الطقم» بعد إجراء تعديلات تواكب أذواق المستهلك على هذا النوع من الألبسة حيث تم تصنيع ما يقارب 800 طقم وهو جيد قياساً بالسوق. كما يتم إنتاج اللباس المدرسي لمراحل التعليم الأساسي والثانوي بالاعتماد على الأقمشة المخزونة بحدود 300 ألف متر يتم تصنيع اللباس العمالي، إضافة إلى تفعيل خط لإنتاج أغطية النوم من الديكرون والوسائد والشراشف وهي تسوق جميعها في منافذ وصالات بيع شركة وسيم (دمشق- جرمانا- السويداء- حماة- حمص- حلب- طرطوس- اللاذقية) ونسعى إلى تحقيق كامل خطتنا الإنتاجية المخططة حتى نهاية العام).

ظرف استثنائي

يجمع العاملون على التعاون القائم فيما بينهم وبين الإدارة ويسجلون ذلك في محاضر جلساتهم ويرون أن هذا التعاون أثمر عودة حميدة للإنتاج والعمل رغم بعض المنغصات حيث يتحدث ماهر الزين –رئيس اللجنة النقابية في /وسيم/ عن ظروف العمل الاستثنائية ويصف العمال بالجنود المجهولين الذين قدموا الشهداء والتضحيات على مذبح الشركة ولم يغادروها أبداً رغم حصار المسلحين المحيط بهم وقذائف حقدهم يتوافدون للعمل كل صباح تحت حماية الجيش وكيف أنهم لم ينقطعوا عن العمل حتى في ظل عمليات تحرير المليحة باستثناء التوقف الاضطراري للشركة مدة شهر لحظة سقوط الصاروخ في قلب الشركة في تاريخ 2/4 حتى 6/5/2014 وسقط على إثرها الشهداء وإصابة العديد منهم إصابات بالغة، وتابع الزين بعد تحرير المليحة أصبحت ظروف العمل أكثر أمناً رغم أصوات القذائف والانفجارات المحيطة.
ويرى الزين أن ثبات العمال وصمودهم وبقاءهم خلف الآلات قبل وأثناء العمليات العسكرية ساهم كثيراً في الحفاظ على الشركة قياساً بالشركات التي دمرها الإرهاب وسرقت محتوياتها بالكامل كالشركة الحديثة في (الدخانية) وذلك عندما هاجمها المسلحون وأكد أن عمال الشركة جنود حقيقيون صمدوا ودافعوا عن بقائها.
نضال الزعبي- عضو مكتب نقابة الغزل والنسيج في دمشق وعضو اللجنة النقابية في الشركة يرى ضرورة تعديل قانون الحوافز المعمول به حالياً بما يتوافق مع الأجر وضرورة رفع سقف العمل الإضافي بمعدل 5% من سقف الفئة المعين بموجبها العامل حيث يغلق العامل ساعات عمله الإضافي في يوم واحد ويبقى طوال الشهر يعمل من دون قيمة مالية للجهد المرافق، إضافة إلى ضرورة تشميل العاملين بعقود عمل مهنية بالتعويض المعيشي وتشميل كل العاملين بقسم الأصبغة بالوجبة الغذائية أسوة بغيرهم من العاملين في القطاع الصناعي وهو ما تعمل عليه الإدارة بالتعاون مع النقابة لتحقيقه مستقبلاً.

للتريث

كما يشير «الزعبي» إلى أن غياب أي عامل لظرف ما يعوق الإنتاج لكونه سلسلة متواصلة لذلك وحرصاً على تنفيذ الخطة الإنتاجية نطالب بصرف الإجازات لعمال الإنتاج حصراً، وقال الزعبي لقد تم حجب تعويض الاختصاص عن عمال خريجي المعاهد المتوسطة بقرار من وزير الصناعة عام 2009 خلافاً للقانون، وقد أقرت المحكمة العمالية أحقية العاملين بذلك وحتى الآن يحرم خريجو المعاهد المتوسطة من طبيعة الاختصاص تحت عبارة من وزير الصناعة للتريث ولا يزال التريث سارياً حتى اللحظة.
معاملة بالمثل..!!
من المفارقات أن العاملين في الشركة في قسم الخياطة يعاملون في حال إصابة العمل (كالديسك أو فتق النواة اللبية) معاملة العمال الإداريين من حيث التعويضات وغيرها من قبل المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية.
ويرى صالح منصور- رئيس نقابة عمال الغزل والنسيج في دمشق ضرورة معاملتهم كعمال إنتاج وكبقية العاملين في الشركات الأخرى وليسوا كإداريين وقال: إن نظام الحوافز الحالي ضعيف جداً ولم يطرأ عليه أي تعديل وضرورة رفع قيمة التعويضات على أساس الراتب الحالي وليس على أساس راتب 2013 وأن تشمل الوجبة الغذائية كامل العاملين.

نقلة نوعية..!!

رئيس الاتحاد المهني لعمال الغزل والنسيج عمر الحلو رأى أن التعاون القائم بين إدارة الشركة والعاملين فيها حقق نقلة نوعية خلال فترة عام في الإنتاج ولاسيما بعد الموافقة من قبل وزير الصناعة على تعيين عمال لترميم نقص العمالة في الشركة، وأشار إلى أن إنتاج الشركة من الألبسة المدنية لا يلبي الغرض المطلوب في حاجة السوق إلى مواكبة أذواق المستهلك وحيث تستطيع كشركة عامة أن تساهم في كسر حدة الأسعار والمنافسة بتوفير تشكيلة واسعة من الألبسة والتوسع بالتسويق عبر صالات الشركة.

مذكرة توضيحية..!!

توضح مذكرة تتبع تنفيذ الخطة خلال شهر تموز للعام الحالي أعدها معاون المدير العام- مدير التخطيط المهندس حيان أبو فخر أن إجمالي إنتاج صالة الخياطة بلغ خلال تموز 25233 قطعة تعادل 158720 وحدة جهد قياساً بالمخطط 35669 قطعة تعادل 258019 وحدة جهد وبمعدل تنفيذ 71% بالقطعة و62% بوحدات الجهد وأن الإنتاج الفعلي خلال الفترة التراكمية لغايته 213360 قطعة تعادل 1384360 وحدة جهد قياساً بالمخطط وبمعدل تنفيذ 63% بالقطعة.
وترجع المذكرة أسباب عدم تحقيق كامل الخطة بوحدات الجهد إلى نقص أيام العمل الفعلي عن المخطط بمقدار يوم خلال هذا الشهر وتالياً يصبح النقص التراكمي 15 يوماً لغايته إضافة إلى نقص العمال المباشر عن الخطة بمقدار 125 عاملاً إضافة إلى غياب العمال غير المشروع بمعدل 11 عاملاً وسطياً، أضف إلى ذلك التوقفات الكهربائية وأن معظم العاملين من النساء وبنسبة 73% من إجمالي العاملين ووجود 79 عاملاً من كبار السن تتزايد حالاتهم المرضية وتتراجع إنتاجيتهم.
كما أن الإنتاج الفعلي الجاهز للبيع الفعلي الإجمالي خلال الشهر نفسه 23653قطعة بقيمة 72.974 مليون ليرة قياساً بالمخطط بمعدل تنفيذ 66% و200% بالقيمة، كما تشير المذكرة إلى أن الإنتاج الفعلي التراكمي لغايته 384248 بالقطعة وما يعادل بالقيمة 712.905 مليون ليرة والمخطط 339909 قطع بمعدل تنفيذ 113% بالقطعة حيث تبرر المذكرة أسباب عدم تحقيق كامل الخطة بالأسباب الآنفة الذكر.
ويرى المدير العام هيثم زاهر أنه وخلال الأشهر الأربعة الأخيرة من عام 2015 تم رفع معدل الإنتاج من 34% إلى 86% والمبيعات وصلت أول مرة في تاريخ الشركة إلى مليار وما يزيد للفترة نفسها.
وأوضح أن خطة العام الحالي حددت وفق المنتج الأكثر مبيعاً وتسويقاً علماً أن كامل المنتج مسوق من خلال التصنيع للغير والألبسة العمالية وجهات عامة أخرى وبما يحافظ على معدل إنتاج 63%. حيث تجاوز إنتاج الشهر السابع تموز 71%، والآن الشركة، وبالمتابعة مع وزارة الصناعة وموافقتها على تعيين 130 عاملاً بعقود ريثما تتم إجراءات تعيينهم الدائمة بعد أن نجحوا في المسابقة التي أعلن عنها استطعنا تحقيق مزيد من الإنتاج.

أضرار الإرهاب

يشير التقرير حول الأضرار العامة للشركة /وسيم/ منذ بداية الأحداث وحتى تاريخ 20/2/2016 إلى أن قيمة الأضرار المباشرة 554.69 مليون ليرة وأن الخسائر غير المباشرة بلغت 755 مليون ليرة إضافة إلى إصابة 68 عاملاً بين شهيد ومصاب وسرقة 8 سيارات و4 أبنية وهي بناء الإدارة وصالة للبيع وبناء مستودع الجاهز عدد /2/، كما يشير التقرير التفصيلي إلى أن موقع الشركة في الغوطة الشرقية المليحة عرضها للاعتداءات بقذائف الهاون والقذائف الصاروخية وعدد من التفجيرات بالقرب منها، وأعمال إرهابية في محيطها بدءاً من تاريخ 18/12/2012 أدت إلى خسائر في المباني والبنى التحتية والآلات حيث بلغت خسائر المباني تسعة ملايين ليرة والسيارات 6 ملايين وسبعمئة ألف والآلات عشرة ملايين ونصف المليون، والأثاث 8 ملايين والمواد المنتجة عشرين مليوناً.
حيث قامت الشركة وبعد كل اعتداء بإجراء الصيانات المطلوبة ويمكن للعمل أن يتطور في حال تم تأمين حاجة الشركة من العمالة والخبرات الفنية إضافة إلى معاناة الشركة في تأمين بعض مستلزمات الإنتاج والقطع التبديلية، حيث بلغ عدد العمال الفعلي 406 عمال والمخطط 589 عاملاً أي بمعدل تنفيذ 69% وبنقص عن المخطط 183 عاملاً منهم نقص 157 عاملاً على خطوط الإنتاج في ظل وجود 27 عاملاً مندباً و6 عمال بإجازة مدة عام، وإن 73% من العمالة هي من النساء اللاتي يكثر غيابهن لأسباب اجتماعية مقارنة بالعاملين ومقارنة بالعام الماضي هناك نقص 23 عاملاً.

"تشرين"

#شارك