11603 H 27500
لا ينفك الحسيني مشغولاً بتفاصيل أفغانستان... ولا ينفك مسكوناً بهذا البلد النكبة، ما قبل وما بعد. إنها الرواية
الثالثة التي تحمل إلينا أفغانستان بعد ألف شمس ساطعة وعداء الطائرة الورقية. وفي كل رواية يجد الحسيني
تفاصيل جديدة ينقلنا معها إلى أفغانستان مدينة وريفا، جبالا وسهولا... نعيش ثلوجها أمطارها.. نعيش سهرياتها
وقمرها صيفها وشتاءها. عاداتها تقاليدها أعراس مدينتها وريفها فقراءها وأغنياءها.. نحفظ مدنها وأكلاتها الشعبية
وألعاب أطفالها.
خالد الحسيني ينقل افغانستان إلى كل بيت، إلى كل ثفاقة.. ينقل افغانستان السوفييت، افغانستان طالبنان،
وافغانستان الملكية... أفغانستان الملالي والاثنيات، دون أن يشعرك للحظة أنه ينتمي إلى هذه الفئة دون تلك أو
هذه الاثنتية أو تلك الطبقة.. كاتب يقدم إليك سردية متكاملة يبقى فيها على الحياد.. إذا لا يمكن أن تقبض عليه
متلبساً بهذه الشخصية أو متسللا عبر تلك الفكرة... إنه مثال الروائي المحايد الموضوعي، الذي لا يتبنى فكرة
ولا يتدخل في تكوين اتجاه ما أو فكرة للمتلقي... كاتب يترك المتلقي على أعصاب مشدودة وأنفاس متقطعة..
يلهث وراء كل كلمة وصفحة، لا يكاد يمتلك الوقت لرشفة من فنجان قهوة أو شفة ماء.. إذ أن الكاتب يزرع في
المتلقي العطش ويجعله يركض وراء سواقي الحسيني ليروي ظمأه.
رواية جديدة، بل تفاصيل جديدة عن أفغانستان يحملها لنا الحسيني مع شخصيات افتراضية ينقل عبرها ومعها ما
جرى في افغانستان منذ أخر الملوك إلى اليوم.. كما تنقل هذه الشخصيات ثقافات البلد المضيف وموسيقاه
وشعراءه وأدبه وعلومه عبر حبكة قصصية درامية تجعلك تبحث عن كل اسم تقرأه موسيقياً كان او شاعراً أو
عالماً.. عالم من الثقافة والمعرفة.. بحر من الألم.. الأمل، يرزعه الحسيني عبر صفحاته.
هدى مطر