11603 H 27500
عن الحب والعنصرية والاغتراب ومحاولات التعايش مع الآخر... دارت رواية الدكتورة خولة حمدي بكثير من
الواقعية وبعيدا عن التطرف على الأغلب في كل أحداث الرواية... فلم تطرف حين تحدثت عن حزن ياسمين
والاحباطات المتكررة في حياتها، وهي الفتاة التونسية التي أخذت أخلاقها ورست أفكارها وثبتت على قيمها ومبادئها
فكان الداعم لها أمها فاطمةالتي تخلى عنها زوجها وعادت إلى بلدها تونس، ورعت ياسمين كنبتة سقيت بمياه البحر
الأبيض المتوسط وبتربة خضراء نقية وتربية صالحة كما تقول. فيما الأب نبتت فيه "أشواك" العلمانية حتى غير اسمه
إلى سامي كلود بعدما كان كمال عبد القادر، وتزوج بفرنسية فأنجب سارة وريان.
وكذلك لم تتطرف حينما كتبت عن حب الفتاة رنيم المصرية للمحامي الفرنسي، وهي فتاة تشبعت بالفكر الغربي فلا
تستطيع تفرقتها عن الفرنسيات فهي متحررة من تعاليم الدين الإسلامي، تحلم بالزواج من رجل يحقق لها الرومنسية
التي تمنت أن تعيشها، ولكن في الرواية سرعان ما يتخلى عنها لتذهب للعمل عند صديقه، لتلتقي بقضية عمرها التي
ستتحول لاحقا إلى حب كبير، والكاتبة تنجح هنا في اظهار هذه الشخصية المرهفة الإحساس التي تتبرع بكليتها لحبيهيا
الفرنسي ولكنها لا تقبل بعد تخليه عنها ان تعود إليه لتتركه بقوة وعنفوان، رغم كبير الوجع والحزن الذي أورثها إياه..
لتنجح في أهم قضية تلقتها للدفاع عن شاب عربي يتهم بالإرهاب إثر وقوع انفجار في إحدى التجارب العلمية التي
يقودها في المعمل الذي يجري فيه أبحاثه.. وهنا تستخدم الكاتبه دراستها في الهندسة الصناعية لتقنعنا بالتجارب التي
يقوم بها البطل الثالث في روايتها الدكتور عمر، الذي نجح في اختراع لانتاج ما أستمته الطاقة النظيفة تحت مسمى: الاندماج البارد، واللحظة التي نجحت فيها التجربة صرخ عمر كعادة المسلمين بالتكبير" الله أكبر " ليصحب هذه العبارة انفجار ما، ترك شيئا في ذلك المبنى، فاتهم أنه قام بعملية تفجير ارهابيه هو بريء منها لتقوم رنيم بالدفاع عنه وتقع في نهاية الطريق في حبه حيث تنمو شخصيتها على مدار الأحداث لتصل في النهاية إلى منطقة أخرى تمامًا حيث أصبحت أكثر نضجا وأعمق تفكيرا وأكثر قدرة على اتخاذ قرارات بناء على تفكير
منطقي وليس عاطفي... وذلك في تفاصيل مثيرة وجديرة بالقراء!
تحت مفهوم الغربة والاغتراب اختارت الدكتورة اسم روايتها غربة الياسمين التي تناولت جوانب الاندماج في المجتمع الغربي، وقدمت وجهة نظر متوازنة إلى حد
كبير، لتقول أن العنصرية وسوء المعاملة ليسا حكراً على المجتمعات الغربية، فهي موجودة في المجتمعات العربية أيضا وبقسوة تجاه بعضهم البعض. هي رواية لم تحاول فيها الكاتبة فرض قناعاتها ولكنها نجحت في إظهار هذه القناعات بطريقة جدلية جميلة.