11603 H 27500
عالم مترف الرؤى
الأديب رفعت ديب قال: الدخول لعالم خديجة الحسن الشعري له محاذيره وله صعوباته لأن جماليته لا تسلم عذريتها للخاطب, بل تطلب مهرها الذي دونه ماء العيون وسهر الليالي, والاستغراق بذاكرة التجلي الإبداعي والسكر بأقداح الأحاسيس المترعة, لذا فإن عالمها عالم مترف الرؤى تخفق ظلاله على من أكتمل إحساسه في ذاته, فشاعرتنا أغرقت في ذاتيتها, ولا عجب في ذلك فالذاتية هي أخص خصائص الرومانسية، هي شاعرة رومانسية بامتياز . عربة شعرها يجرها حصانا القلق والحزن, أما القلق فكان وراء إبداعاتها الشعرية الخلاقة ولا سيما في رؤاها الفلسفية التي لا تغوص بعيداً كي لا ينطفئ وهج الحرف الشعري فيذهب بريقه، بل تمر عليها كسحاب تحمل مسحة شعرية شفافة،ففي معجم حبها تتعرى الألفاظ من إثم الغيبيات لترتدي ثوبا نسجته لها شاعرتنا من الشمس الدانية.
انغماس بالذات بالواقع والموضوع
وقال الناقد محمد رستم عن الديوان حيث بدأ بالعنوان ووجد انه مفتاح الديوان وشيفرة قصائده, وهو العتبة الأولى لمضامينه (مرايا الروح) جاءت الشاعرة بالخبر معرفاً بالإضافة دالاً على المبتدأ المحذوف لتبقي الابتداء مضمرا طي الغياب وذلك لتحدث صدمة بلاغية غايتها الادهاش، وقبل أن تغوص بين دفتي الديوان تطالعك ذات الشاعرة وواضح أنها تنحو صوب الأنا بانكشاف دون مواربة, فمن الإهداء (إلى أبي وأمي, وقد ربياني بدمع العين) حيث تطفو ياء الملكية الدالة في نهاية المطاف على الأنا، وقلما يخلو سطر من هذه الأنا،مضمرة كانت أم ظاهرة، (يبتسم ربي لي، أقول بسم الله، أنا وانتظاري، أرفع حدود الوهم،) وفي هذا انغماس بالذات بالواقع والموضوع وتفاعل خلاق معه بعيدا عن النرجسية، الديوان مجموعة قصائد نثرية عن الروح الظمأى التي تهيم سابحة في عالم الخيال، مترفعة عن أهواء الجسد،مخضبة بألوان المشاعر، تسكب روحها وخيالاتها بتعابير بسيطة وهادئة رغم ما تحمله من شحنات عاطفية تهز الأعماق, قصائدها الذاتية وإن تنوعت تسمياتها إلا أنها تصب في إناء واحد فتبدو كأنها قصيدة واحدة حاملها اللوعة الأبدية بين ا دم وحواء، الإلهام لديها ليس ضربا من ضروب الترف الخيالي إنما هو وليد معاناة وتجربة ويبدو صوت عاطفتها مدويا، تجيد الشاعرة الانزياحات في كيان اللغة, تمتلك القدرة على التكثيف والترميز لكنها تبتعد عن الإغراق بالرمزية،فتأتي صورها موحية بشفافية محببة (يا حادي الشمس .. فراشاتي لنورك ترنو، غنى الليل في كأسي،)، كما تلحظ أثر الأسرة ومخزونها الثقافي من خلال ألفاظها ذات الطابع الديني (اللوح المحفوظ، مشكاة التجلي، البعث، من ينفخ للقيامة المزامير)، الشاعرة خديجة الحسن مولعة بتكرار الحروف والمفردات والجمل لغايات بلاغية موسيقية وهذا وارد في معظم قصائدها وأحيانا يأتي التكرار كقفلة للقصيدة، كما في قصيدتها (لماذا، كان يا ما كان،) وأحيانا تبني قصيدتها على صيغة فعل، للشاعرة طريقتها الخاصة بالبوح وهي تطل علينا من عل في منجزها الأول وترى أن الثقة واضحة في خطوها وكأنها تمثلت القول (واثق الخطوة يمشي ملكا).
تتميز كتابتها بالشفافيةو بالعمق
وقال إبراهيم الهاشم عرفت الشاعرة خديجة الحسن من خلال لقاءات أدبية كثيرة جمعتني خلال العامين المنصرمين. فهي من المهتمات بالأدب عموما والشعر خصوصا. تتميز كتابتها بالشفافية وفي كثير من الأحيان بالعمق الذي يستوعب فكرها وخيالها ككاتبة وشاعرة. يغلب على كتاباتها الوقار التي تتميز به هي فتأتي كتاباتها لتجسد نهجها ومنحى سيرها ... لكل مكان وزمان حالة روحية خاصة لذلك كان الاسم (مرايا الروح).
سكبت قلبي وخيالاتي بتعابير بسيطة وهادئة
وقالت الشاعرة خديجة الحسن عن مجموعتها: مرايا الروح مجموعة قصائد نثرية عن الروح الظمآنة التي تهيم سابحة مترفعة على أهواء الجسد. فيها الأحلام والآمال فيها التصوف فيها السكر والصحو .. دونت في مجموعتي ما رأته الروح وارتعشت به أدون الحب والإحباط .. الألم والسرور .. سكبت قلبي وخيالاتي بتعابير بسيطة وهادئة رغم أنها تحمل ما يهز الأعماق.
في مرايا الروح بأنانية محببة توجت نفسي أميرة لمملكة الخيال الواسعة، تباهيت بروحي الصافية كالشمس والمتقدة غراما كالنار . أنا لم أغلق أذني ولم أغمض عيني عن الواقع والحياة عن مأساة وطننا ووجع سوريتنا فكتبت لكاهنة الأرض للقديسة التي تخفف أخزاننا والياسمينة التي تعبر منها أفراحنا للشام المفجوعة والموعودة بالقيامة.أنا لم ولن أنسى من قدم الدم الطهور وروى به تراب الحاضر ليخصب المستقبل بالأرجوان. كتبت لفلسطين مأساتنا ووجعنا الأول .